في شباط الماضي ، ظهرت المغنية تويغز في مقابلة تلفزيونية لاول مرة منذ اتهامها للمثل شيا لابوف بممارسة العنف الجسدي والعاطفي واللفظي القاسي تجاهها حين كانا على علاقة معا .
كان السؤال الصادم الذي سأله الصحفي للمغنية “تويغز” التي كانت ضحية عنف منزلي سابقا : لماذا لم تغادري المنزل؟”
ردت تويغز: “علينا التوقف عن طرح هذا السؤال … لن أجيب على هذا السؤال بعد الآن.
لأن السؤال الذي يجب أن يتم طرحه حقًا هو للمعتدي : لماذا كنت تحتجز شخصًا كرهينةو تعنفه ؟ يظن الناس انه مستحيل أن يكون العنف الذي مررت به شديد السوء ، وإلا لكنت غادرتُ المنزل منذ البداية. لكن في الواقع ، لأنه كان شديد السوء ، لم أستطع المغادرة .
من هنا سنتكلم عن نقطتين اساسيتين : السيطرة القسرية و لوم الضحية.
من الضروري ان نفهم مبدأ السيطرة القسرية حتى نفهم لماذا يستمر العنف المنزلي و لماذا لا تغادر المرأة منزل المعنّف. حين يتحدث المجتمع عن العنف المنزلي فذلك قد يعني حدث واحد او أكثر لسلوك عنف تجاوز العتبة المقبولة اجتماعيا او قانونيا٫ و العنف بحد ذاته قد يكون جسديا او لفظيا. أما السيطرة القسرية فتعني إساءة عاطفية على مدى فترة طويلة من الزمن يمكن تعدادها بعدة أشهر على اقل تقدير٫ ويتميز نمط العلاقة بسيطرة الشريك على شريكته وشعور الضحية بخوف وقلق لا نهاية له في الحياة الزوجية و اهمها الخوف والقلق من عواقب الخروج من هذه العلاقة.
يستقر القلق والخوف في الضحية ويتغير سلوكها بوعي او دون وعي خشية رد فعل المعتدي. نهاية المطاف تهميش كامل لشخصية للضحية.
الامثلة على ذلك : الحرص على تضييق شبكتها الاجتماعية، تقييد اتصالها بالأهل، السيطرة المادية، ابتزازها عاطفيا، تعليقات سلبية على جمالها، السخرية من كلامها، انتقادها بسبب او بدون سبب. هذه السيطرة القسرية المستمرة هي التي تجعل المرأة غير قادرة على مغادرة المنزل .
و حين تأتي اللحظة التي تنتفض و تتكلم عن كمية العنف التي تعرضت له خلال الاشهر او السنوات الماضية تتفاجأ بعد ذلك بكم هائل من لوم الضحية ملقى على كاهلها و سؤال : طالما ان الحياة معه كانت بهذا السوء، لماذا لم تغادري منذ البداية ؟
من المهم التأكيد على استخدام المغنية تويغز لكلمة “رهينة”. يشير جيس هيل ، مؤلف كتاب od em edam uoy tahw eeS ، وهو تحقيق حائز على جائزة في العنف المنزلي ، إلى أن “السيطرة القسرية تشبه أخذ الرهائن”. يقول الكتاب : “لا يزال معظم الناس يظنون ان العنف المنزلي وسوء المعاملة هي مجموعة من الحوادث المنفصلة: اعتداءات ، وإهانات ، وتهديدات. ولكن عندما يتعلق الأمر بسيطرة الرجل على المرأة المعنفة ، فإننا نتحدث عن نظام من العنف يعمل مثل نسيج العنكبوت ، كل خصلة تشتدوتشتد حول الضحية حتى تشعر أنه لا يوجد مخرج حقًا. هذا ليس مجرد عنف أو سوء معاملة. إنه فخ “. الرجل المعنّف يجعل ضحيته تشعر دائما أن المغادرة “ستترتب عليها عواقب وخيمة تجعل الامتثال له والبقاء في البيت أكثر أمانًا”.
الإحصائيات تثبت ذلك. تقول الاحصاءات ان أول 90 يومًا بعد مغادرة منزل المعنّف هي أخطر الأوقات بالنسبة لضحية العنف المنزلي. ما يصل إلى 75٪ من جرائم العنف المنزلي تحدث في الوقت الذي تحاول فيه المرأة مغادرة المنزل أو بعد مغادرتها.هذا يعني ان المرأة تفضل البقاء في منزل المعنّف فقط كي تبقى على قيد الحياة. ومع كل هذا ، ما زال الكثيرون يسألون ضحية العنف المنزلي ” لماذا لم تغادري؟” كما لو كان الأمر بسيطًا مثل مجرد استدعاء سيارة أجرة والانطلاق إلى حياة جديدة تمامًا.
على تويتر نشط هاشتاغ بعنوان : لماذا لم أغادر؟
يتحدث فيه النساء حول العالم عن الاسباب التي جعلتهم يبقون في منزل المعنف و توضح اسبابهم كيف يمارس الزوج المعنف السيطرة القسرية على المرأة .
ترجمنا لكم بعض الاسباب التي وردت في التغريدات 1- لا يوجد احد لمساعدتي نفسيا و ماديا للاستقلال.2- أخاف مطاردة زوجي/ شريكي و غضبه.3- كيف ساخرج من البيت و هو هنا، احتاج ان افعل ذلك بينما هو في العمل.4- من سأخبر؟ من يستطيع مساعدتي؟ لا يوجد احد 5- انا وحيدة و لا اعرف ما المجهول الذي ينتظرني 6- كيف سأتكفل بأطفالي لوحدي و ماذا لو تعرض اطفالي للخطر ايضا؟
و هنا ضحية للسيطرة القسرية تروي اسباب بقاءها مع معنفها على موقع ميديوم :
عندما كنت أصغر سناً ، كنت أواعد رجلاً عرفته منذ سنوات. عندما قطعت علاقتي به ، لم يتقبل الامر وبدأ يقصفني برسائل البريد الإلكتروني ، والرسائل النصية ، والمكالمات الهاتفية ، وفي النهاية ، بزيارات مفاجئة إلى شقتي ومكان عملي. في إحدى الليالي ، تبعني بينما كنت أعود إلى المنزل من العمل وحاول منع دخولي إلى منزلي. في ليلة أخرى ، ظهر على شرفتي بعد أن كان في مشاجرة في الحانة ، و كانت مفاصل أصابعه دامية. جاء اثنان من أصدقائي وأقنعوه بالمغادرة. عندما ذهبت إلى الشرطة ، قيل لي إنه لا يوجد شيء يمكنهم فعله إلا إذا اعتدى علي أو آذاني .في النهاية، توقف عن مطاردتي لحسن حظي . بعد سنوات ، وجدت نفسي في علاقة معه مجددا. لانني تذكرت تلك الزيارة إلى مركز شرطة ، ولم أشعر أن أي شخص سيحافظ على سلامتي. كان علي أن أنقذ نفسي بنفسي من خلال البقاء معه. كان يهزأ مني : لماذا عدت لي؟ أنت تحبين أن تكوني ضحية.
اذن، فإن المعنف لا يؤذي شريكته فحسب ، بل يوقعها في شرك السيطرة القسرية ، التي تتجلى لديها على شكل خوف مستمر من اغضاب المعنّف و شعور بالتقييد و الشلل التام و العجز عن المغادرة.
لذلك، فان سؤال الصحفي للمغنية تويغز “لماذا لم تغادري” ، هذا السؤال يعبر عن وجهة نظر مشوهة ومختزلة لما يعنيه أن تكون المراة ضحية.
لوم الضحية على عدم مغادرة المعنّف لا يحل المشكلة بل يزيده تعقيدا.نحتاج ان نفهم كيف تعمل السيطرة القسرية على ضحايا العنف المنزلي، كي نتوقف عن لوم الضحية و نركز باتجاه معاقبة المعنف الذي يأخذ ضحيته كرهينة في المنزل و يجعلها تشعر ان الخروج سيكلفها اكثر بكثير من البقاء.